للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تنطوي تارة على عبر القرون وحوادث الدهور وتنفرج أخرى عن أنوار الصلاح والتقوى، ولحية بيضاء إلا أنها شعثاء، وعينين كبيرتين مستديرتين ينبعث منهما نور ساطع خفاق لا يراه الرائي حتى يطرق له إجلالا وإعظاما، وسحنة غريبة لا عهد لي بمثلها في حمراء الأمم وسودائها وأحسب أن لو كان بين يدي مثال من صور الناس في القرون الغابرة لنسبتها١, فمشيت إليه مشية الهائب الوجل وقلت: على الرحب والسعة يا سيدي, لقد حللت بمنزل أنت صاحبه وولي الأمر فيه، ثم قدمت إليه يدي فمشى معي يتوكأ, ويتحامل ويهمس بهذه الكلمة:

ما أوسع الموت يستريح به الجسـ ... ـم المعنى ويخفت اللجب

حتى وصلنا إلى غرفة الأضياف, فأعاد النظر إلي وقال: اذهب لشأنك فأنا في حاجة إلى الانفراد بنفسي، فتركته وذهبت إلى غرفة منامي وقد أخذ منظر الرجل مكانا من قلبي وشغلني من أمره ما كاد ينسيني هموم نفسي, فلم أزل أقلب النظر في حاله وأذهب المذاهب في استبطان سره حتى أخذ عيني نوم ثقيل لم أستيقظ منه إلا في صفرة الأصيل.

سألت الخادم عن الضيف, فعلمت أنه أخذ حظه من المطعم


١ نسبتها أي: ذكرت نسبتها إلى نوع من أنواع تلك الصور.

<<  <  ج: ص:  >  >>