أماته الله ثم بعثه بعد موته؟ قلت: ذلك يوم يبعثون، قال: هبها قصة إبراهيم إذ قال له ربه: {فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا} وبعد, فوالله يا بني ما كفرت مذ آمنت, ولا كذبت مذ عرفت أن الصدق منجاة من النار, ولا استرد الله مني نعمة العقل بعدما منحني إياها ولو كذبت الناس جميعا ما كذبتك, فقد أسلفت إلي من أياديك ما لا أحتاج بعده إلى كذبة أتنفّق بها عليك، أو أزدلف بها إليك، وإني قاص عليك قصتي فأصخ لها ولك بعد ذلك حكمك، فسري عني قليلا ما كان ألم بنفسي من القلق, فأقبلت عليه بوجهي فأنشأ يقول:
لا أزال يا بني حتى الساعة أشعر بمرارة الحساب في فمي, فقد حوسبت حسابا غير يسير على الكبير والصغير والدقيق والجليل والقومة والقعدة والخطرة واللمحة وكل ما وجدته حاضرا بين يدي في صحائفي, فكادت حسناتي تكافئ في الميزان سيئاتي لولا تلك الكلمات التي كنت أرددها في حياتي الأولى في تزهيد الناس في النسل والزواج١, فقد دخلت بها في زمرة المفسدين
١ لأبي العلاء أقوال كثيرة في النهي عن الزواج والتزهيد في النسل جاء بها على صور مختلفة؛ فتارة كان يفرح بموت الطفل في مهده كقوله: =