للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذين تنكروا لإرادة الله وأغفلوا حكمته في خلق النوع البشري, وطال حسابي عليها وحجاجي فيها, وكان لا بد من العقاب ففزعت


=
قدم الفتى ومضى بغير تئية ... كهلال أول ليله من شهره
لقد استراح من الحياة معجل ... لو عاش كابد شدة في دهره
وتارة كان يفضل بقاءه في عالم الغيب كقوله:
وإذا أردتم للبنين كرامة ... فالحزم أجمع تركهم في الأظهر
وتارة كان يظهر سروره بأنه لم يتزوج, ولم ينسل كقوله:
تواصل حبل النسل ما بين آدم ... وبيني ولم يوصل بلامي باء
تثاءب عمرو إذ تثاءب خالد ... بعدوى فما أعدتني الثؤباء
وقوله:
بنت عن الدنيا ولا بنت لي ... فيها ولا عرس ولا أخت
وقوله:
لقد صرت في الدنيا غبينا مرزأ ... فأعفيت نسلي من أذاة ومن غبن
فإن تحكمي بالجور فيّ وفى أبي ... فلن تحكميه في بناتي وفي ابني
وتارة كان يعد ولادة الوالد لولده جناية منه عليه كقوله:
ليذمم والدا ولد ويعتب ... عليه فبئس عمري ما سعى له
وقوله:
هذا جناه أبي علي ... وما جنيت على أحد
وظاهر أن الذي أثار هذه الخواطر في نفسه ما كان يتصوره من أن الشقاء في هذا العالم لازم ضروري من لوازم النوع الإنساني, ولا خلاص له منه إلا من طريق العدم المحض, وإن إسناده الجناية إلى الوالد بولادة ولده ليس على ظاهره, بل أراد به الإمعان في تصوير هذا الشقاء =

<<  <  ج: ص:  >  >>