للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأهوالها من عذاب النار١, وأن تجعل عذاب قلبه فداء عذاب جسمه, فعاقبه بإرجاعه إلى تلك الدار التي كانت جحيمه ومستقر عذابه، وحسبه من العقاب أن يلقى فيها آخرا ما لقي فيها أولا, إنك بعبادك لطيف خبير".

فقبل الله شفاعة نبيه, وقضى أن أعود إلى الدار الأولى لأقضي فيها من الأيام بعدد ما قضيت فيها من السنين, وقد علم سبحانه وتعالى أني كنت في العهد الأول أحمده على العمى كما يحمده غيري على البصر, فرد إلي بصري لتنفذ مشيئته في عقابي وتعذيبي, فله الحمد على سرائه وضرائه.

هذه قصتي قصصتها عليك, وهذا أول يوم من الأيام التي سأقضيها في داركم هذه, فاكتم علي أمري حتى ينقضي أجلي, وكن لي خير معين على هموم الحياة وبأسائها, فقد اغتبطت بك مذ رأيتك وعلمت أن الله ما قيضك لي إلا وهو يريد أن يخفف


١ كان أبو العلاء يعتقد ما يعتقد جميع الموحدين أن ما لقيه في هذه الحياة من عناء وشقاء, وما أخذ به نفسه من الزهد في العيش والرغبة عن لذائذ الحياة وأنعمها مدخر له أجره في دار الجزاء, كما يظهر من مثل قوله:
أأخشى عذاب الله والله عادل ... وقد عشت عيش المستضام المعذب
وقوله:
أصبح في الدنيا كما هو عالم ... وأدخل نارا مثل قيصر أو كسرى

<<  <  ج: ص:  >  >>