للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كل ما تستطيع أن تمن به علي أنك كنت تطعمني وتسقيني فهل تعلم أنك ما كنت تطعمني إلا فتات مائدتك ولا تسقيني إلا غُسالة يديك, وأنك ما كنت تصنع ذلك رحمة بي ولا إحسانا إلي, بل لتهيئ لنفسك ما يسد شهوتها ويطفئ لوعتها، وهل تعلم أنك أنت الذي سجنتني في أقفاصك وحلت بيني وبين رزق الله أطعمه أنى ذهبت وأين حللت من حيث لا يساومني فيه مساوم, ولا يحاسبني عليه محاسب!

أمن أجل تلك الخشارة١ القذرة والجرعة الكدرة تسلبني حياتي, وتفجع بي أفراخي ولا ذنب لي ولا لهن عندك إلا أنا كنا زينة بيتك, ولعبة أطفالك, وحماة آلك من بنات الأرض٢ وهوامها, ورسل الفجر المنير إليك.

لا تظلم السبع بعد اليوم ولا تنقم منه وحشيته وافتراسه؛ فكلاكما وحش وكلاكما مفترس لا فرق بينك وبينه إلا أنه لا يحسن الذبح والطبخ كما تحسن, فهو يبقر البطون بأظافره وأنت تفري الأوداج بمُداك، لا بل إن جريمتك أكبر من جريمته وعذرك أضعف من عذره؛ لأنه يفترس ليشبع بطنه


١ الخشارة: فضالة المائدة.
٢ المراد ببنات الأرض الحشرات التي تخرج من بطنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>