للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأنت تفترس لترفّه نفسك, ولأنه يعجز عن الاحتيال لقوته وأنت على ذلك من القادرين١.

استضعفتني فبرزت إليَّ, فهلا برزت لشبل الأسد أو ديسم الدب أو فرعل الضبع أو حرش الحية أو هيثم النسر أو ناهض العقاب٢؟

ما أخبثك أيها الإنسان عاجزا وما أظلمك قادرا, وما أشقاك بنفسك وأشقى العالمين بشقائك.

ذلك ما كان يسمعه الذابح من ذبيحته لو أن الله وهبه أذنا كالآذان وبصيرة كالبصائر, ولكن الناس لا يعلمون.

هيه يا صاحب الدجاجات, حدثني عنك ألم يكن لك في جميع ما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها منادح لإكرامى والقيام بحقي, وأنت تعلم أنني رجل سلخت في دنياكم هذه من حياتي الأولى نيفا وأربعين سنة لم أذق فيها لحم


١ فضّل أبو العلاء الحيوان على الإنسان في كثير من كلامه, كقوله:
سببت بالكلب فأنكرته ... والكلب خير منك إذ ينبح
وقوله:
أقل منهم شرا ومرزية ... ما ركبوا في السرى وما ذبحوا
وقوله:
خير من الظالم الجبار شيمته ... ظلم وحيف ظليم يرتعي الذبحا
٢ هذه فروق نتاج تلك الأنواع من الحيوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>