للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحاكم أمره أو رأوا حيوانا هزيلا أو مهيضا١ حملوه إلى مكان خاص بمعالجة أمراض الحيوان, فعالجوه إن وجدوا إلى الرجاء فيه سبيلا وإلا قتلوه رحمة به, وإشفاقا عليه.

قال: لقد أحسنوا في الأولى وأساءوا في الأخرى ومن لهم بعلم ما استتر وراء حجب الغيب من كوامن الأقدار في تحديد الآجال، وها نحن نرى في كل يوم مريضا يئل بعد إشرافه وبكاء الباكيات حوله وصحيحا يخترم في اجتماع قوته واستكمال فتوته وغليان ماء الشباب في وجهه كما تخترم الثمرة الغضة من غصنها الناضر, فهلا وكلوه إلى منيته تأتيه هادئة مطمئنة حيث يسوقها القدر إليه٢.

ما أحسب هؤلاء الراحمين الذين تحدثني عنهم إلا مرائين مصانعين, ولا هذه الرحمة التي ينتحلونها لأنفسهم إلا حبالة من الحبائل نصبوها لاصطياد العقول واختتال النفوس, ولا أنهم أرادوا بما فعلوا إلا أن يقول الناس عنهم: إنهم رحموا الحيوان فأحرى أن يرحموا الإنسان، فمثلهم كمثل المرائين في الدين الذين يتورعون عن


١ المهيض: الكسير.
٢ من كلام أبي العلاء في عجز العالم عن إدراك الغيب:
وجدت الغيب تجهله البرايا ... فما شق هديت وما سطيح

<<  <  ج: ص:  >  >>