صاحب لانتقده، وهنا ينتقده باعتبار شخص مؤلفه، أي: إنه لا ينتقد الكتاب، بل صاحب الكتاب في كتابه، وأما الثاني وهو أثر طبيعي للأول, فهو أن للانتقاد هناك أثرا ظاهرا في الكتاب من حيث رواجه وكساده، وشهرته وخموله، فكما يقول المنتقد يقول الناس بقوله، وهنا يمر الانتقاد بالأذهان مرا فلا يبقى من آثاره فيها إلا أثر واحد، وهو أن الكتاب جليل القدر سني القيمة ولولا ذلك ما احتفل بأمره محتفل؛ لذلك رأيت كثيرا من عقلاء الأدباء لا يرضون عن أنفسهم في هذا البلد إلا إذا انتقد الناقدون مؤلفاتهم، بل رأيت من يتوسل إلى أحد الناقدين أن ينتقد مؤلفه، بل رأيت من يبلغ به الأمر أن ينتقد كتابه بنفسه بتوقيع منحول، أولئك الذين يعرفون قيمة المنتقدين عندنا وأثر انتقاداتهم في نفوسنا، أما الذين يغضبهم الانتقاد ويحرج صدورهم فهم الذين لا يعرفون من هذا ولا ذاك شيئا.
الحزم:
إن الدرهم الذي تمنحه لمن لا يستحقه يخرج من يدك فلا تجده في اليوم الذي ترى فيه أمامك من يستحقه، وإن الدينار الذي تعطيه للشارب ليشتري به كأسا يقتل بها نفسه لا يتيسر لك أن تعطيه للفقير العائل ليشتري به رغيفا يسد به جوعة ولده.