وما حُزنُ الفقير الذي أنفق آخر درهم بيده من حيث لا يعرف له طريقًا إلى سواه على نفسه وعلى مستقبله بأشد من حزن الغني الشحيح على الدرهم الذي نقص من مليونه، أو الذي كان يؤمل أن يتمم به مليونه فلم يُتح له.
وما ليلة البائس المسكين الذي يتصايح أولاده من حوله جوعًا ولا يجد ما يسد به رمقهم بأطول من ليلة الغني الذي يسقط إليه الخبر بأن سلعة قد نفقت، أو أن سهمًا من أسهمه قد نزل.
ولقد رأيت بعيني من جُنّ وهو واقف ينظر إلى قصر من قصوره يحترق، وسمعت كثيرًا من حوادث المُنتحرين والمصعوقين على أثر النكبات المالية والخسائر التجارية التي لا تفقرهم ولا تصل بهم إلى درجة الإملاق، وكلُّ أثرها عندهم أنها تنقلهم إلى منزلة في الغنى أدنى من منزلتهم الأولى.
أخاف عليه أن يصبح واحدًا من أولئك الوارثين المستهترين الذين لا عمل لهم في حياتهم سوى هدم حياتهم بأيديهم وهدم