للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنا نفكر كثيرا في شأن المرأة كما تفكرون اليوم، ولا نجد حديثا ألذ ولا أطرب من الحديث عنها، وكنا لشدة إعجابنا بها واهتمامنا العظيم بإرضائها وتدليلها والوقوع من نفسها موقعا جميلا ندافع عنها ضد أنفسنا, ونطلب لها من النفوذ والسيطرة علينا أكثر مما تطلبه لنفسها, ونتمنى بجدع الأنف لو أننا رأيناها متمتعة بالحرية إلى أقصى حدودها, فتتبرج كيف تشاء، وتسفر كما تريد، وتجلس إلى الرجل جنبا لجنب في المجتمعات العامة والخاصة دون أن يعارضها معارض، أو يكدر عليها صفوها مكدر، بل كنا نذهب في مجاملتها ومحاسنتها إلى أكثر من ذلك، فكنا نغتفر لها سيئاتها الأدبية ونسميها سقطات أي: هفوات فردية لا أهمية لها, ونغريها بمحاسبة زوجها حسابا شديدا على خيانته لها ومقابلة فعلاته بمثلها؛ لأننا كنا نقرر لها مبدأ المساواة بينها وبينه ونقول لها: ليس من العدل أن يغضب الزوج من خيانة زوجته إذا كان هو يخونها، وكنا نظن أن هذه الآراء آراء حقيقية راسخة في نفوسنا صادرة من أعماق قلوبنا, ثم علمنا بعد ذلك أننا كنا مخدوعين في أمرها وأنها آراء الشباب وخواطره وألاعيبه ودعاباته وأحلامه وتصوراته، ولا يثقل على الشاب في مفتتح حياته شيء مثل ذلك الحجاب المسبل على وجه المرأة

<<  <  ج: ص:  >  >>