للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حولهم وحيلتهم في شئون حياتهم، فاحفظ لي ولهم حياة ذلك الرجل المسكين الذي أسلم أمره إليك، وأودع حياته بين يديك، وخرج في طلب الرزق من عندك ليعود به على هذه الأسرة الفقيرة المعدمة, فلم يعد حتى الساعة، ولا ندري ما فعلت به يد الأقدار.

ما أعظم بؤسنا وشقاءنا نساء الصيادين وأولادهم!

إنهم يتركوننا وحدنا في هذه الأكواخ الموحشة ويذهبون لطلب العيش في ذلك التيه العظيم الذي لا نهاية لعمقه ولا حد لاتساعه ولا عاصم من مخاطره، ويحاولون انتزاع رزقهم من بين ماضغي تلك الأمواج الموثبة الفاغرة أفواهها كالذئاب الجائعة تحاول التهام كل ما يدنو منها، ولعل القدر الذي نخشاه عليهم في هذه الساعة قد نزل بهم فلم تغن عنهم شيئا تلك الألواح الخشبية الرقيقة التي يسمونها زوارق، ولعلهم لبثوا ساعات طوالا يصارعون الأمواج وتصارعهم حتى غلبتهم على أمرهم فداروا بأعينهم من حولهم ليفتشوا عن زوارقهم المنقلبة فلم يروا منها إلا بقاياها المتطايرة في أيدي الرياح, فحاولوا أن يسبحوا إليها فأفلتت من أيديهم, فنال منهم العياء فهووا إلى ذلك القاع العميق ليصبحوا فيه طعاما للأسماك التي كانوا يظنون منذ ساعة أنها ستصبح طعاما لهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>