لها ما شاء الله أن تفعل, ثم نهضت ومشت إلى مكان الطفلين وانحنت عليهما وحملتهما برفق وسكون وسارت بهما حتى بلغت كوخها, فوضعتهما بجانب طفليها وأسبلت عليهم جميعا رداء واحدا.
ثم جلست بجانبهم تقول بينها وبين نفسها: لا أدري أأصبت فيما فعلت أم أخطأت؟ وإنما أدري أن المرأة التي أودع الله قلبها شعور الأمومة ورحمتها لا تستطيع أن ترى طفلين طريحين على فراشهما في كوخ عارٍ من كل شيء إلا من جثة أمهما ثم تتركهما وشأنهما دون أن تعلم ما مصيرهما بعد ذلك.
إن المنظر الذي رأيته ما كان لا يسمح لي بالتفكير في نتيجة العمل الذي أعمله، فإن تبين لي بعد ذلك أني مخطئة، فليس معنى هذا أني كنت أستطيع تجنب الوقوع في هذا الخطأ؛ لأن قلبي من لحم ودم لا من فولاذ وصوان.
نعم, إن زوجي فقير وإن طفليّ معدمان لا يكادان يشبعان من الخبز, وإن عناءنا في تربية أربعة أطفال سيكون ضعف عنائنا في تربية طفلين، ولكن لا يجوز لنا ضنا براحة أنفسنا أن نترك طفلين صغيرين يموتان على مرأى منا, ومسمع بردا وجوعا.
ذلك ما سأقوله لزوجي عند رجوعه، وما أحسبه قاسيا ولا متوحشا فينقم عليّ فعلتي هذه ويأمرني بإلقائهما خارج الباب.