في الناس أنكم أقنعتمونا فاقتنعنا، وأقمتم لنا الحجة فسلمنا، وأننا آمنا بكم طائعين مختارين، فتلك النكبة العظمى والرزيئة الكبرى التي لا قبل لنا باحتمالها، وخير لنا أن يتحدث الناس عنا أننا ضعفنا وجبنا بين أيديكم فلم نستطع إلا النزول على حكمكم, والتسليم لكم بما تريدون من أن يقولوا عنا: إننا انخدعنا بكم, وصدقنا أكاذيبكم.
لا نطيق أن يتحدث الناس عنا أننا صدقنا أن أصدقاء الحماية بالأمس أعداؤها اليوم، وأن الذين أغمدوا في صدورنا تلك الخناجر المسمومة قد تحولوا اليوم إلى أطباء راحمين يحاولون انتزاعها منا، وأن الفارين من صفوف الجيش الوطني إلى صفوف جيش العدو ليحاربونا معه ويعينوه علينا وطنيون مخلصون، وأن الذين يرمون الأمة بالجهل والغباوة والانقياد إلى زعمائها انقياد القطيع لراعيه بلا تصور ولا إدراك أصدقاء لها, يعطفون عليها ويتمنون لها الخير والسعادة، وأن اتفاق السياستين سياسة الحكومة المصرية وسياسة الحكومة الإنجليزية في الأقوال والأفعال والشعور والإحساس والميول والرغبات والأساليب والتصورات من باب توارد الخواطر