حتى أوردتموها بإلحاحكم وفضولكم وسوء سياستكم هذا المورد الوبيل.
لا تلوموا سعدا باشا على فشلكم وإخفاقكم ولوموا أنفسكم، فقد أبلى الرجل البلاء العظيم في نصحكم وتحذيركم, وتنبأ لكم بكل ما وقع لكم اليوم كأنما كان يطالع صحيفة من صحائف الغيب فلم تكترثوا له, ولم تحفلوا بنصحه.
قال لكم: إن المفاوض الإنجليزي لا يحفل ولا يعبأ إلا بمفاوض يعتقد أنه يمثل أمته, وينطق بلسانها نطقا حقيقيا لا تمثيليا, فاتهمتموه بحب الرئاسة والسعي وراء الشخصيات ورميتموه بسوء النية والقصد.
وقال لكم: إن الإنجليز لا يريدون بفتح باب المفاوضة معكم إلا الاستعانة بكم على تمزيق شمل الأمة وتبديد وحدتها, وهي القوة الوحيدة التي تملكها ولا تملك غيرها, وألا خير يرجى من هؤلاء القوم لكم ولا لغيركم, فثرتم في وجهه وسمحتم لأنفسكم أن تسيئوا الظن به ولا تسيئوه بالإنجليز.
وقال لكم: احذروا أن تخطوا خطوة واحدة في طريق المفاوضة قبل أن تستوثقوا لأنفسكم بمرسوم سلطاني يحدد موضوع المفاوضة, ويكون أساسا لها فأنكرتم ذلك عليه, وزعمتم أن