للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نبيهم وأن يقسموا فيهم فيئهم، وأن يعدلوا، فإن أشكل عليهم شيء رفعوه إليَّ" (١).

وخطب الناس مرة أخرى فقال: "أيها الناس إني بعثت عمالي هؤلاء ولاة بالحق عليكم، ولم أستعملهم ليصيبوا من أبشاركم ولا من دمائكم ولا من أموالكم، ولكن أرسلهم إليكم ليعلموكم أمر دينكم وسنتكم، فمن فُعل به سوى ذلك فليرفعه إلي، ومن كانت له مظلمة عند أحد منهم فليقم أقيده منه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيد من نفسه" (٢).

وعندما اجتمع ولاته على الأمصار في موسم الحج خطب الناس بحضورهم قائلاً: "أيها الرعية، إن لنا عليكم حقاً، النصيحة بالغيب، والمعاونة على الخير. أيها الرعاة: إن للرعية عليكم حقاً، اعلموا أنه لا حلم إلى الله أحب ولا أعم نفعاً من حلم إمام ورفقه، وإنه ليس جهل أبغض إلى الله ولا أعم من جهل إمام وخرقه، اعلموا أنه من يطلب العافية فيمن بين ظهرانيه ينزل الله عليه العافية من فوقه" (٣).

وكان عمر يعرف أنه مسئول عن سياسة ولاته فكان يبين ذلك: "أيما عامل لي ظلم أحداً، وبلغتني مظلمته ولم أغيرها فأنا ظلمته" (٤).

وبناء على هذه الخطب فإن الوالي ينبغي أن يجمع بين المهام الدينية والدنيوية، كما أنه يتمتع بصلاحيات واسعة داخل ولايته، ولا يرجع إلى الخليفة إلا


(١) ابن سعد: الطبقات ٣: ٢٩٣ - ٢٩٤، وأحمد: المسند ١: ٤٨ - ٤٩، وابن شبة: تأريخ المدينة ٣: ٨٠٦ - ٨٠٧، والطبري: تأريخ ٢: ٥٦٧ والأثر صحيح. وقارن بكتابه إلى أهل البصرة عندما ولى أبا موس الأشعري عليهم (الطبري: تأريخ ٤: ٢٠٧).
(٢) الطبري: تأريخ ٤: ٢٠٤، وابن الجوزي: مناقب عمر ٩٤، وابن تيمية: السياسة الشرعية ١٥٠، ومحمد حمد الله: الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة ٤٠٦.
(٣) ابن الجوزي: مناقب عمر ٧٩.
(٤) المصدر السابق ١١٦.

<<  <   >  >>