كانت دوافع فتح مصر عند المسلمين قوية، فهناك العقيدة التي يريدون التمكين لها في كل مكان، ومصر تتصل بفلسطين فمن الطبيعي بعد فتح فلسطين أن يتجه المسلمون إلى مصر، وقد شطر المسلمون الإمبراطورية البيزنطية إلى شطرين لا يصل بينهما سوى البحر وذلك باستيلائهم على الشام، وفي مصر وشمال أفريقية جيوش ومسالح رومية، ولبيزنطة أسطول قوي في البحر، ولن يأمن المسلمون في الشام ومصر تحت النفوذ الرومي، ومصر غنية، وهي مصدر لتموين القسطنطينية فإذا احتلها المسلمون ضعف نفوذ بيزنطية كثيراً وأمن المسلمون في الشام والحجاز حيث يسهل اتصال الروم بالحجاز عن طريق مصر.
[العريش]
وقد استأذن عمرو بن العاص عمر بن الخطاب في فتح مصر، واتجه بجيشه إلى العريش واحتلها دون مقاومة، ثم سار إلى الفرما، وقاومه الروم شهراً أو شهرين ثم تمكن من احتلالها، واتجه إلى بلبيس (١). شمال شرق القاهرة فاحتلها واصطدم بعد ذلك بأرطبون وهزمه.
[حصن بابليون]
وتقدم إلى حصن بابليون حيث تعتصم قوات الروم بقيادة نيودورس ورئاسة المقوقس الذي عينه الروم بطريركا على الإسكندرية ووالياً على مصر، وعسكر المسلمون في عين شمس (هيليوبوليس) وجاءهم مدد الخليفة بقيادة الزبير بن العوام والمقداد بن عمرو وعبادة بن الصامت، فتقدموا إلى حصن بابليون وحاصروه، وطال الحصار لمناعته، وكان الروم يخرجون منه فيقاتلون ويعودون ثم غلبهم المسلمون خارجه وفر
(١) شكري فيصل: حركة الفتح الاسلامي ١١٨ - ١٢٠، وبتلر: فتح العرب لمصر ١٩١