تعتبر فتنة مقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه من أخطر الأحداث التي مرَّت بها الدولة الاسلامية في عصر الخلافة الراشدة، وقد تركت من الاختلاف والانقسام في صفوف الأمة ما كاد يودي بها، وقد أعقبتها فتن داخلية أخرى تتصل بها وتتفرع عنها وهي موقعة الجمل وصفين والنهروان، كما استمرت آثارها متمثلة في أحزاب المعارضة للدولة الأموية وهما الخوارج والشيعة. كما استمر الحزبان في التأثير على الحياة السياسية خلال العصر العباسي الأول خاصة، بل يمكن أن نعتبر الانقسامات الكبرى الناجمة عن الفتنة مؤثرة في الأمة حتى الوقت الحاضر.
ومثل هذه الفتنة لابد أن تختلف فيها الآراء وتتلاعب في نقل أخبارها الأهواء، وقد شحنت مصادرنا التأريخية بألوف الروايات المتعارضة وهي تمثل الاتجاهات المختلفة السائدة وقت الرواية ثم في عصر التدوين.
ومن هنا تظهر أهمية نقد الروايات، والتعرف على اتجاهات الرواة، والظروف التي أحاطت بشاهد العيان الذي يرتقي إليه الإسناد مع فحص المتون ومعرفة سلامتها من العلل مثل التناقض والاضطراب، وتقدم كتب علم الرجال المعلومات الأولية عن الرواة، كما يقدم مصطلح الحديث منهج التعامل النقدي مع المعلومات الأولية تلك، ومع الرواية سنداً ومتناً.
وتقدم الروايات الصحيحة والحسنة- لذاتها ولغيرها- صورة مغايرة إلى حدٍ كبير للصورة التي يُقدمها الأخباريون من خلال ما نقلته عنهم المصادر التأريخية، وإن كانت تبقي معها في بعض التفاصيل أحياناً.
فما هي معالم الأحداث من خلال الروايات الصحيحة والحسنة؟
لماذا نقم المعارضون على عثمان رضي الله عنه؟
يبدو أن المعارضة كانت تتذرع بأسباب دينية وسياسية واقتصادية، فمما