للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أبو ذر الغفاري]

توحي الدراسات الحديثة بأن لأبي ذر رضي الله عنه وآرائه في سياسة المال والإنفاق أثراً كبيراً في أحداث الفتنة، وتعتمد على روايات واهية تفيد وقوع العداوة والبغضاء بينه وبين عثمان رضي الله عنهما، وأن معاوية بن أبي سفيان اشتكى أبا ذر إلى عثمان فأمر بإنفاذه إلى المدينة، ثم نفاه إلى الربذة، فماذا تقول الروايات الصحيحة؟

حكى أبو ذر رضي الله عنه اختلافه في الشام مع معاوية في تفسير الآية: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله) قال معاوية: نزلت في أهل الكتاب. فقلت: نزلت فينا وفيهم. فكان بيني وبينه في ذاك، وكتب إلى عثمان رضي الله عنه يشكوني، فكتب إليَّ عثمان أن أقدم المدينة، فقدمتها. فكثُر عليَّ الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرتُ ذلك لعثمان، فقال لي: إن شئت تنحيت فكنت قريباً. فذاك الذي أنزلني هذا المنزل، ولو أمروا عليَّ حبشياً لسمعتُ وأطعتُ (١).

وقابل أبو ذر عثمان بعد عودته من الشام في رهط من غفار منهم عبد الله بن الصامت الغفاري، وبين له التزامه بطاعته "أخفتني فوالله لو أمرتني أن أتعلق بعروة قتب حتى أموت لفعلتُ" (٢). واستأذنه في الإقامة بالربذة، واعتذر عن عدم قبول أخذ إبل الصدقة التي عرضها عليه ليصيب من لبنها "دونكم معاشر قريش دنياكم


(١) البخاري: الصحيح (فتح الباري ٣: ٢٧١)، وابن سعد: الطبقات ٤: ٢٢٦ بإسناد صحيح لأن سماع هشيم من حصين قبل اختلاط الأخير (ابن حجر: تهذيب التهذيب ١١: ٦١) وقد صرح هشيم بالتحديث.
(٢) عبد الرزاق: المصنف ١١: ٣٣٢ بإسناد صحيح.

<<  <   >  >>