والذهبي ناقد كبير، ولرأيه أهمية فائقة، فإنه- كما قيل- من أهل الاستقراء التام. وقد آثر الذهبي أن يسوق الأسانيد المعلقة، مكتفياً بأسانيد تتألف عن راوٍ واحد إلى خمسة من الرواة، وتبدأ عادة بمصنف أو عالم معروف مثل عروة والزهري والوليد بن مسلم الدمشقي وموسى بن عقبة ومحمد بن اسحق وهشام بن عروة بن الزبير ومحمد بن عمر الواقدي وخليفة بن خياط ومحمد بن جرير الطبري. ولم يقتصر في نقله عن كتب التأريخ والأخبار والسير، بل نقل عن الكتب الستة وغيرها من مدونات الحديث.
ويبدو للوهلة الأولى أن الذهبي ينقل من المصنفات الأولية وجادة، ولكن المدقق يتوقع أن يكون الذهبي قد ملك حق رواية الكثير من تلك المصنفات بالسماع والإجازة.
[٣ - كتب علم الرجال]
إن كتب علم الرجال تقدم تراجم لرواة الحديث، ومنهم الصحابة رضوان الله عليهم الذين يمثلون جيل عصر السيرة والخلافة الراشدة، فهم الذين صنعوا البطولات التأريخية وحققوا الأمجاد التي تمثلت في وحدة الأمة وتربيتها وفق مفاهيم واضحة وتنظيمها سياسياً واجتماعياً واقتصادياً. ولا شك أن كتب معرفة الصحابة- أحد فروع علم الرجال- من أهم المصادر التي ترفدنا بمعلومات عن الصحابة. ويقف كتاب (فضائل الصحابة) لأحمد بن حنبل و (معرفة الصحابة) لأبي نعيم وكتاب (الإصابة في تمييز الصحابة) للحافظ ابن حجر العسقلاني في مقدمة هذا النمط من المصنفات. فأما (فضائل الصحابة) لأحمد بن حنبل (ت ٢٤٠ هـ) ففيه