للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النفر الذين طعنوا على عثمان، فقالوا له قولاً لا يحسن مثله، وقرءوا قراءةً لا يحسن مثلها، وصلوا صلاة لا يصلى مثلها، فلما تدبرتُ الصنيع إذا هم والله ما يقاربون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أعجبك حسن قول امرئ فقل: (اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله) " (١).

وهكذا أوضحت أن المعارضين رغم عباداتهم التي دونها عيادة الصحابة مما يجعل الناس ينغشون بهم، ويتهاونون في التعامل معهم.

[بيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالخلافة]

أصاب المسلمون بلاء عظيم بسبب مقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه، إذ كان المسلمون قد مرُّوا بانتقال السلطة سلماً بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاة الصديق رضي الله عنه، لكنهم الآن أمام تجربة جديدة تمثلت باستخدام العنف في تغيير السلطة ونجم عن ذلك مقتل الخليفة، وبقاء المنصب شاغراً، وسعى المعارضون إلى بيعة واحد من كبار الصحابة لملأ الفراغ في السلطة، فعرضوها على طلحة بن عبيد الله (٢)، وعبد الله بن عمر حتى هددوه بالقتل (٣)، لكن أحداً لم يكن ليقبل منهم السلطة في ظروف الفتنة، لأنهم لا يمثلون الأمة، بل يمثلها كبار الصحابة في المدينة، وهم الذين يقبل الناس في أنحاء الدولة اختيارهم، وقد أدرك


(١) - البخاري: خلق أفعال العباد ٢٥ بإسناد صحيح، وعبد الرزاق: المصنف ١١: ٤٤٧.
(٢) أحمد: فضائل الصحابة ٢: ٥٧٣ - ٥٧٤.
(٣) أحمد: فضائل الصحابة ٢: ٨٩٥ رقم ١٧٠٢، وابن سعد: الطبقات ٤: ١٥١ بإسناد صحيح، والحسن البصري شهد أحداث الفتنة بالمدينة وعمره أربع عشرة سنة (ابن حجر: تهذيب التهذيب ٢: ٢٦٦ - ٢٦٧).

<<  <   >  >>