للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ب- النشاط التعليمي بالمدينة]

كان المكيون أوفر حظاً من الأنصار في انتشار الكتابة بينهم، وهذا عائد إلى أن الحاجة إلى الكتابة في المجتمع التجاري أوسع ميداناً من المجتمع الزراعي، يقول الواقدي: "كان الكتاب بالعربية في الأوس والخزرج قليلاً، وكان بعض اليهود قد علم كتاب العربية، وكانت تعلمه الصبيان في المدينة في الزمن الأول" وعد الواقدي أسماء أحد عشر شخصاً يعرفون الكتابة (١). وهذا العدد يشير إلى أن الجهد الذي بذله اليهود في تعليم العربية كان ضئيلاً ومحدوداً.

ولما أخذ الاسلام ينتشر بين الأنصار ظهرت بوادر حركة التعليم الجديدة ... فقد ذهب رافع بن مالك الأنصاري إلى مكة وتعلم ما نزل من القرآن في السنوات العشر التي مضت على البعثة من النبي صلى الله عليه وسلم نفسه (٢).

وفي بيعة العقبة طلبت الأنصار من الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة أن "ابعث إلينا رجلاً يفقهنا في الذين ويقرئنا القرآن" فبعث إليهم مصعب بن عمير (٣).

ثم كانت الهجرة إلى المدينة وقامت دولة الاسلام الأولى، وكانت متطلبات الدعوة أولاً والإدارة ثانياً تقتضي بذل جهود حثيثة في نشر التعليم.

وقد قام المسجد النبوي بمسؤولية كبرى في هذا المجال، ثم عضدته ثمانية مساجد أخرى (٤)، والمسجد يجتمع فيه الناس خمسة أوقات للصلاة، وتنعقد فيه حلقات العلم، ويخطب فيه كل جمعة، ويتلى فيه القرآن، وقد استمرت أهمية


(١) البلاذري: فتوح البلدان ٦٦٣ - ٦٦٤.
(٢) ابن حجر: الإصابة ٢: ١٤٤.
(٣) المصدر نفسه ١: ١٢٤.
(٤) البلاذري: أنساب الأشراف ١: ٢٧٣.

<<  <   >  >>