وتبدو عناية ابن أعثم بالشعر من كثرة إيراده في كتابه، وقد ساعد على هذا المنحى أن ابن أعثم كان شاعراً، وكذلك عني بسرد الخطب والرسائل المتبادلة، حيث ينفرد بمادة أدبية واسعة.
وقد ساعد منهجه في حذف الأسانيد، وسوق الأراجيز والخطب على لسان الأبطال مباشرة على رسم الصور الملحمية الكاملة، واعتماد الأسلوب القصصي المتسلسل.
[ابن حبيش]
أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد الأنصاري (٥٠٤ - ٥٨٤ هـ)، ولد بالمرية، وقرأ القرآن، وتعلم الفقه والأدب والعربية، وفي سنة ٥٣٠ هـ انتقل إلى قرطبة حيث أفاد من علمائها، وعاد سنة ٥٣٤ هـ إلى المرية ومكث فيها حتى أسره الروم في استيلائهم عليها ثم أطلقوه فخرج منها عام ٥٤٢ هـ إلى مرسية، ثم منها إلى جزيرة شقر متولياً قضاءها حتى سنة ٥٥٤ هـ، ثم وكل إليه الخطبة بجامع مرسية، ثم تولى سنة ٥٧٥ هـ قضاء مرسية لأبى يعقوب يوسف بن عبد المؤمن (٥٥٨ - ٥٨٠ هـ)، وفي هذه السنة شرع بتأليف كتابه الغزوات الضامنة الكافلة والفتوح الجامعة الحافلة الكائنة في أيام الخلفاء الأئمة الأول الثلاثة أبي بكر الصديق وأبي حفص الفاروق وأبى عمرو ذي النورين وهو في السبعين من عمره، وقد توفي وهو على قضاء مرسية عام ٥٨٤ هـ.
وقد وصف ابن حبيش بالنزاهة والأنصاف، وضيق الخلق وصرامة الأحكام، ولم يكن التأريخ بين العلوم التي درسها وهي القراءات والحديث واللغة والغريب، ولم يؤلف (الغزوات) إلا بناء على أمر يوسف بن عبد المؤمن أمير الموحدين الذي عينه قاضياً رغم مالكيته التي حاربها الموحدون! ولعل كبر سنه وضعف عزمه وتعيينه قاضياً عوامل تكمن خلف ثنائه على الموحدين حيث وصف ابن تومرت بالإمام