للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخالد بين الآلهة، والإله العظيم جداً بين الرجال" (١) مما يدل على الغرور والتعاظم في حين وصفه المؤرخون بـ "الملك الحقود المرائي الجشع الرعديد" (٢)، وبينوا اهتمامه الكبير بجمع أكوام الذهب والفضة والجواهر التي ملأت خزائنه عن طريق المظالم التي استغل بها بؤس رعيته (٣). وكان يلجأ إلى المنجمين والكهان والسحرة لاستشارتهم في اتخاذ قراراته المهمة (٤).

أما الحياة الاقتصادية، فقد احتكر الأقوياء الثروة ومصادرها، وانهمكوا في مباهج الحياة وملذاتها، وزادوا من ثرائهم بالربا الفاحش والمكوس والضرائب الثقيلة التي فرضوها على الضعفاء من الفلاحين والعامة، فزادوها فقراً وتعاسةً، وحرَّموا على العامة أن يشتغل الواحد منهم بغير الصناعة التي مارسها أبوه، وكان العامة من سكان المدن يدفعون الجزية كالفلاحين، ويشتغلون بالتجارة والحرف، وهم أحسن حالاً من الفلاحين الذين كانوا تابعين للأرض، ومجبرين على السخرة، ويُجَّرُّون إلى الحروب بغير أجر ولا إرادة (٥). وكان الجباة للضرائب لا يتحرزون من الخيانة واغتصاب الأموال في تقدير الضرائب وجبايتها، وكانت الضرائب تفرض بصورة اعتباطية وخاصة وقت الحروب.

[الحالة الدينية والفكرية]

لم يعرف الفرس الدين الحق، ولم تنتشر بينهم الأديان السماوية التي سبقت ظهور الاسلام إلا بنطاق محدود جداً، وكان أكثرهم على المجوسية، فمنذ القرن


(١) كريستنسن: إيران في عهد الساسانيين ٤٣٢.
(٢) المرجع السابق ٤٣٧.
(٣) نفسه ٤٣٧.
(٤) نفسه ٤٣٧، ٤٦٩.
(٥) كريستنسن: إيران في عهد الساسانيين ٣٠٦.

<<  <   >  >>