للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاعذموها لا حاجه لنا فيها" (١).

ويوضح عند الله بن الصامت الغفاري ظروف ذلك اللقاء:

قال أبو ذر لعثمان وهو يرفع عمامته عن رأسه: إني والله يا أمير المؤمنين ما أنا منهم- يعني من الخوارج- ولو أمرتني أن أعضَّ على عرقوبي قتب لعضضت عليهما حتى يأتيني الموت وأنا عاض عليهما.

قال عثمان: صدقت يا أبا ذر، إنما أرسلنا إليك لخير، لتجاورنا بالمدينة.

قال أبو ذر: لا حاجة لي في ذاك، ايذن لي في الربذة.

قال: نعم (٢).

لذلك كان محمد بن سيرين والحسن البصري ينكرون أن يكون عثمان قد أخرج أبا ذر إلى الربذة (٣).

وقالت أم ذر- زوجه-: والله ما سيَّر عثمان أبا ذر، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا بلغ البنيان سلعاً فاخرج منها" فلما بلغ البنيان سلعاً وجاوز خرج أبو ذر إلى الشام (٤).

وأما بالنسبة لرأي أبي ذر في سياسة المال وفهمه لآية الإنفاق فلم يتغير بعد قدومه المدينة على عثمان، فقد دخل عليه وهو يقسم مال عبد الرحمن بن عوف بين ورثته وعنده كعب الأحبار، فسأله عثمان أمام أبي ذر: يا أبا اسحق، ما تقول في رجل جمع هذا المال فكان يتصدق منه، ويحمل في السبيل، ويصل الرحم؟ فقال


(١) ابن سعد: الطبقات ٤: ٢٣٢ بإسناد صحيح، وعمر بن شبة: تأريخ المدينة ١٠٣٥ - ١٠٣٦.
(٢) عمر بن شبة: تأريخ المدينة ١٠٣٦ - ١٠٣٧ بإسناد حسن.
(٣) المصدر السابق ١٠٣٧.
(٤) الحاكم: المستدرك ٣: ٣٤٤ وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه وانظر الذهبي: سير أعلام النبلاء

<<  <   >  >>