للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحجبه عن الناس" فأرسل عمر محمد بن مسلمة الأنصاري وأمره أن يحرق الباب ففعل، وعاد برسالة من سعد توضح حقيقة الأمر فقبل عمر قول سعد وصدقه (١).

وتجددت الشكوى بأنه "لا يحسن الصلاة!! " ولما تحرى عمر حقيقة مواقف سعد في ولايته بإرسال رجال إلى الكوفة وجد الناس يثنون عليه، إلا أن رجلاً عبسياً قال: "كان لا يقسم بالسوية ولا يعدل في القضية ولا يغزو بالسرية" ولم يقتنع عمر بهذه الشكاوى، لكنه أدرك أن ثمة شغب يحيط بواليه فعزله معلناً استمرار ثقته به: "إني لم أعزله لعجز ولا خيانة" (٢). وهكذا خسره الكوفيون بسبب شغب بعضهم.

وكان اختيار الولاة يتم بعد مشاورة الخليفة لكبار الصحابة، وكذلك بعد رضى المرشح للولاية (٣)، وكان عمر لا يولى أحداً من أقاربه في حين كان عثمان وعلي لا يرون بأساً بتولية الأقارب، وكثير ما كان عمر يختبر من يريد توليته، ويدرس شخصيته عن كثب، كما أنه كان لا يولي أهل البادية على أهل الحاضرة لاختلاف الطبائع والعادات والأعراف، وقد عين سلمان الفارسي واليا على المدائن ربما ليلفت الانتباه إلى مبدأ المساواة في الإسلام (٤).

وكان الوالي يزود بكتاب من الخليفة يتضمن أمر التعيين له واليا على المنطقة وشروطه عليه ويشهد عليه رهطاً من المهاجرين والأنصار (٥). وقد جرى نقل


(١) البلاذري: فتوح البلدان ٢٧٦، والطبري: تأريخ ٤: ١٢١.
(٢) خليفة: التأريخ ١٤٩.
(٣) ابن سعد: الطبقات ٤: ٣٦٠، والمتقي الهندي: كنز العمال ٥: ٦٢٠، وابن كثير: البداية والنهاية ٧: ٣٥، ١٠٧.
(٤) عبد العزيز إبراهيم العمري: الولاية على البلدان في عصر الخلفاء الراشدين ١٤٣، وظافر القاسمي: نظام الحكم في الشريعة والتأريخ الإسلامي ٤٧٣.
(٥) الطبري: تأريخ ٤: ٢٠٧.

<<  <   >  >>