للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومع ذلك فقد حدثت تجاوزات على أهل الذمة في بعض الأمصار في خلافة عمر رضي الله عنه دون علمه، فقد وضع عامل فلسطين عمير بن سعد الأنصاري المشهور بزهده ناساً من النَّبط في الشمس لعدم دفعهم الجزية، فذكر له الصحابي هشام بن حكيم حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الذي يعذب الناس في الدنيا يعذبه الله في الآخرة"، فخلَّى سبيلهم (١).

وكان عمر رضي الله عنه يفرض الجزية على الرقيق، وعلل ابن قدامة المقدسي فعله بأن "العبد ذكر مكلف قوي مكتسب فوجبت عليه الجزية" ومما يدل على رأي عمر رضي الله عنه هذا قوله: "لا تشتروا رقيق أهل الذمة فإنهم أهل خراج وأرضيهم فلا تبتاعوها، ولا يقرَّنَّ أحدكم بالصغار بعد إذ نجاه الله منه" (٢).

وتسقط الجزية عن دافعها في حالة إسلامه (٣)، كما تسقط في حالة عجزه لأنه لا يكلف مالا يطيق. ويلاحظ أن دافع الجزية لا يدفع الزكاة من أمواله لأن الزكاة فريضة دينية وفي أدائها معنى تعبدي، رغم أن وظيفتها اجتماعية.

كما أن دافع الجزية لا يشترك في الجيش الإسلامي، لأن هدف الجيش


في حدود ثلاثة ملايين ونصف بمعدل ستة أطفال للعائلة ..
(١) مسلم: الصحيح مع النووي ١٦: ١٦٧، ١٦٨.
(٢) عبد الرزاق: المصنف ٦: ٤٥، ٤٧ و ١٠: ٣٣٠، ٣٣٧. وابن زنجويه: الأموال ١: ٢٣٣، ٢٣٤، والبيهقي: السنن ٩: ١٤٠ وتتضافر أسانيد الخبر الضعيفة لتبلغ به درجة الحسن لغيره. وانظر ابن قدامة: المغني ١٠: ٥٩٧.
(٣) لا شك في أن الإسلام مسقط للجزية، وقد وردت روايات ضعيفة عن إسقاط عمر (رض) الجزية عمن أسلم وهي تتضافر في إثبات تطبيق هذا المبدأ (أبو عبيد: الأموال ٥٢، وابن زنجويه: الأموال ١: ١٧٣، وعبد الرزاق: المصنف ٦: ١٤، ١٠: ٣٣٦، وابن أبي شيبة: المصنف ٤: ٤٠٥، ٦: ٤٦٣، ٤٦٤ وكلها بأسانيد ضعيفة لكنها تتضافر لترفع الأثر إلى الحسن).

<<  <   >  >>