للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أنهار وجبال ليسهل انسحاب المقاتلين منها إلى الصحراء عند الضرورة (١).

وقد استخدم القصب المتوافر بكثرة في موقع البصرة لبناء المسجد وسط المدينة، وقرب المسجد اختط عتبة دار الإمارة والى جوارها السجن والديوان في الرحبة، وكان الناس في أول الأمر إذا خرجوا إلى الجهاد نزعوا ذلك القصب، وحزموه، ثم يعيدون بناءه إذا رجعوا من الجهاد.

ولما تولى أبو موسى الأشعري ولاية البصرة بنى دار الإمارة باللبن والطين وسقفها بالعشب، وزاد في المسجد، وأخذ الناس بالبناء باللبن خاصة بعد أن وقع الحريق بالبصرة (٢).

وأما بناء الكوفة فكان سنة (١٧) هـ، وكان المسلمون يقيمون بالمدائن وقد اختطوا فيها وأقاموا المساجد لكنهم استوخموها، فكتب سعد بن أبي وقاص إلى عمر رضي الله عنه، فأمره ببناء مدينة لهم، وقام بتخطيط الكوفة أبو الهياج السلمي وفق توجيهات الخليفة العامة، حيث جعل عرض الطرق الرئيسية (المناهج) أربعين ذراعاً وما يليها ثلاثين ذراعاً وما بينهما عشرين ذراعاً، والأزقة سبعة أذرع، ولا يخط طريق أضيق من ذلك. واعتبرت الطرق الرئيسية حدوداً فاصلة بين مخيمات القبائل الواقعة على جانبي الطريق. وقد بدئ ببناء المسجد الجامع وسط المدينة ثم ترك فراغ حول المسجد كالصحن، ثم بنيت دار الإمارة وبيوت الأموال بجوار المسجد وكان بين المسجد ودار سعد مائتي ذراع، وحفر خندق بعد صحن المسجد لئلا تمتد إليه بيوت الناس. وسمح بإقامة السوق دون بنيان داخل صحن المسجد، ويكون


(١) - تؤكد عدة روايات ضعيفة أن ذلك تم بتوجيه من عمر رضي الله عنه (ابن عبد الحكم: فتوح مصر ٩١).
(٢) صالح العلي: خطط البصرة ومنطقتها ٤٦، وانظر البلاذري: فتوح البلدان ٣٤١ - ٣٤٢، وياقوت: معجم البلدان ٢: ٣٦٣، والطبري: تأريخ ٢: ٤٧٩.

<<  <   >  >>