للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإلقاء ينبغي أن يكون واضحاً، وقد يؤكد الشيخ المعنى بإعادة الكلام ليتمكن المستمع من إتقان حفظه، وقد كان هذا هو أسلوب الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقد أنكرت عائشة رضي الله عنها على أبي هريرة رضي الله عنه سرد الحديث والتعجل في إلقائه فقالت لابن أختها عروة بن الزبير: "ألا يعجبك أبو هريرة، جاء فجلس إلى جانب حجرتي، يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمعني ذلك وكنت أسبح، فقام قبل أن أقضي سبحتي، ولو أدركته لرددت عليه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد الحديث سردكم" (١).

أما العرض: فهو أن يقرأ الطالب على العالم من نسخة مكتوبة.

قال زيد بن ثابت: "كنت أكتب الوحي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فاكتب وهو يملي عليَّ، فما أفرغ حتى يثقل، وإذا فرغت قال: اقرأه عليَّ، فإن كان فيه سقط أقامه، ثم يخرج به" (٢).

ولما أراد بشير بن نهيك أن يتصرف عن أبي هريرة أتاه بكتبه التي كتبها عنه فقرأها عليه، فقال: "هذه سمعتها منك؟ قال: نعم" (٣).

لقد اتخذ العلماء فيما بعد من هذه السوابق دليلاً على صحة المعارضة بين الفرع المكتوب وأصله الذي كتب عنه. وقد روي عن علي رضي الله عنه قوله: "القراءة على العالم بمنزلة السماع منه" (٤).

وروي عن عبد الله بن عباس قوله: "اقرءوا عليَّ فإن قراءتكم عليَّ كقراءتي


(١) البخاري: الصحيح حديث رقم ٣٥٦٨، والخطيب: الجامع ١: ٤١٤.
(٢) ذكره الهيثمي: مجمع الزوائد ١: ١٥٢ وقال: "رواه الطبراني في الأوسط ورجاله موثوقون". والخطيب: الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ٢: ١٣٣.
(٣) الخطيب: الجامع ٢: ١٢٤.
(٤) الرامهرمزي: المحدث الفاصل ٧٦ ب.

<<  <   >  >>