للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأرسل عمر معاذ بن جبل وعبادة بن الصامت وأبا الدرداء رضي الله عنهم إلى الشُام، لأن أهلها بحاجة إلى من يعلمهم القرآن الكريم (١). فكان عبادة في الشام قاضياً ومعلماً (٢).

وقد نظم أبو الدرداء رضي الله عنه طلابه، ووزعهم في مجموعات لكثرتهم واستحالة قيامه بتعليمهم بطريقة مباشرة، وراعى تدرجهم في العلم عند تقسيمهم، فكانت المجموعات متباينة المستوى. قال سويد بن عزيز: كان أبو الدرداء رضي الله عنه إذا صلى الغداة في جامع اجتمع الناس للقراءة عليه، فكان يجعلهم عشرة عشرة، وعلى كل عشرة عريفاً، ويقف هو في المحراب يرمقهم ببصره، فإذا غلط أحدهم رجع إلى عريفهم، فإذا غلط عريفهم رجع إلى أبي الدرداء رضي الله عنه فسأله عن ذلك، وكان ابن عامر عريفاً على عشرة، فلما مات أبو الدرداء رضي الله عنه خلفه ابن عامر. قال مسلم بن مشكم- أحد تلاميذ أبي الدرداء-: قال لي أبو الدرداء رضي الله عنه: أعدد من يقرأ عندي القرآن. فعددتهم ألفاً وستمائة ونيفاً، وكان لكل عشرة منهم مقرئ، وأبو الدرداء يكون عليهم قائماً، وإذا أحكم الرجل منهم تحوَّل إلى أبي الدرداء رضي الله عنه (٣).

وقد اهتم قادة الفتح في الشام بتعليم المسلمين القراءة والكتابة حيث طلبوا من أسرى قيسارية تعليم المسلمين الكتابة، وقد وضعوا في الجرف وهو معسكر


(١) ابن عساكر: تاريخ دمشق (تحقيق د. شكري فيصل وآخرين) ص ٢٣ وابن حجر: الإصابة ٢: ٦٢٦.
(٢) ابن عبد البر: الاستيعاب ٢: ٤٢٤.
(٣) ابن الجزري: غاية النهاية في طبقات القراء ١: ٦٠٦ - ٦٠٧. ويعرض ابن عساكر في تاريخ دمشق صوراً أخرى ١: ٣٩٩ - ٤٠٠.

<<  <   >  >>