للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤمن على عاقبة ظلم الإنسان ويرسي أساساً للعدل السياسي والاجتماعي.

وتحمل الدعوة الاسلامية ميزاناً دقيقاً للحقوق والواجبات حسب الشريعة، فلا يجوز التفريط بها أو التخلي عنها، فهي منحة إلهية للبشرية، وقد اقتضى تطبيق تلك التعاليم جهاداً وبذلاً منذ نزول الوحي حتى استقرت دولة الاسلام، فلولا الحركة الجهادية لما قضي على الشرك وطابع الحياة الجاهلية، ولما استقرت معاني العقيدة وقيم الاسلام الاجتماعية ومضامينه الخلقية في نفوس الملايين.

وحرصت الدعوة الاسلامية على بناء مجتمع العدل والقوة (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز) (١) مما يوضح الأسس اللازمة لبناء مجتمع قوي متحضر يقوم على العدل والقوة، فالكتاب والميزان لإقامة العدل، والحديد لإيجاد القوة التي تحمي العدل وتكفل استمراره. والعدل الشامل يمتد إلى المسلم والذمي والكافر، والأغنياء والفقراء والأقوياء والضعفاء والرجال والنساء حيث تتحدد حقوق الجميع وفق موازين العدل دون احتكار أو استغلال أو استئثار أو ظلم (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) (٢).

وتنطلق الدعوة الاسلامية من مبدأ المساواة بين البشر دون اعتبار للثروة والجاه ولا اللون أو العرق "الناس بنو آدم وآدم من تراب" (٣). ويقتضي ذلك تحقيق تكافؤ الفرص أمام الناس والتزام العدل المطلق بينهم، وهدم النظم الطبقية إذ لا مكان للعنجهية والصلف والكبرياء والاستعلاء على الناس "المسلمون تتكافأ دماؤهم


(١) الحديد ٢٥.
(٢) النحل ٩٠.
(٣) الترمذي: الجامع حديث رقم ٣٩٥٦، وأحمد: المسند ٢: ٣٦١.

<<  <   >  >>