الحارث بن هشام، وقال لهم:"اذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في عربية من عربية القرآن، فاكتبوها بلسان قريش، فإن القرآن أُنزل بلسانهم". ففعلوا، فأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يُحرق (١). واذا تأملنا في النص فإنه يدل على وجود معارضة لاعتماد نسخة واحدة من المصحف، وإحراق ما سواها، منعاً لاختلاف القراءات والزيادة والنقص في كتاب الله تعالى.
ويبدو أن المعارضة أثارت هذه القضية وأن عليا رضي الله عنه دافع عن موقف عثمان رضي الله عنه مبيناً أنه فعله عن إجماع من الصحابة، وليس لدى المعارضة علماء كبار يدركون مغزى هذا العمل العظيم، بل ربما أدرك بعضهم فائدة ذلك، ولكن الغضب والحقد أعمى بصيرته، فاستغل القضية ضد الخليفة، وليس العامة بقادرين على تمييز الأمور وتمحيص الدعاية، بل هم يتبعون كل ناعق، وكلام علي رضي الله عنه يدل على أن المعارضة غلت في دعايتها، وقلبت الحق باطلاً، والمعروف منكراً.
ويُستشف من الرواية أنه كان يتكلم في ظروف الفتنة قبل توليه الخلافة. ويحتمل أنه تكلم بذلك بعد وقوع الفتنة ومقتل الخليفة وتوليه الأمر وأراد أنه لو ولي قبل إنفاذ الجمع لجمعه.
ومن المسائل التي أثيرت ضد عثمان رضي الله عنه بعد مقتله وتبناها الخوارج عدم شهوده بدراً وعدم ثباته يوم أحد وعدم اشتراكه في بيعة الرضوان، فقد سأل أحد الخوارج- قيل أنه العلاء بن عرار- عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في المسجد الحرام بمكة عن مواقف عثمان هذه، فبَّين له ابن عمر ذلك معللاً بأن