للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهلها، وبقيت جماعات تطالب بالقصاص من قتلة عثمان، وعقَّب الصحابي ثمامة بن عدي والي صنعاء لعثمان على الأحداث بقوله وهو يبكي بكاءً شديداً: "اليوم انتزعت خلافة النبوة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وصارت ملكاً وجبرية، من أخد شيئاً غلب عليه" (١).

وكانت أخطر قضية تواجه الخليفة الجديد هي مقاضاة قتلة عثمان وإنفاذ القصاص فيهم، وكان ابن عباس قد نبَّه علياً إلى خطورة الموقف قبل توليه الخلافة: "إن الناس سيلزموك دم عثمان" (٢). فقد كانت المأساة الدامية تملأ النفوس بالحزن والندم على عدم بذل الوسع في الذود عن الخليفة وإن كان ذلك يعني عدم التقيد بأوامر عثمان بالكفِّ عن القتال.

وكان طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم قادة المطالبين بإنفاذ القصاص بقتلة عثمان مشترطين ذلك للدخول في طاعة علي الخليفة الجديد ..

وكان طلحة بن عبيد الله التيمي يحس بالتفريط وبالتهاون مع الثوار ومجاملتهم فيندم ويرغب في التكفير عن ذلك كله "كان في أمر عثمان مالا أرى كفارته إلا أن يُسفك دمي في طلب دمه" (٣) "كنَّا قد داهنَّا في أمر عثمان فلا نجد بداً من المبالغة" (٤) - يعني بالمداهنة: اللين مع الثوار. وبالمبالغة: التشدد في المطالبة بالقصاص-. ويبدو أن هذا الشعور كان يتملك الكثيرين بحيث شكلوا تياراً معارضاً


(١) عبد الرزاق: المصنف ١١: ٤٤٧، وابن سعد: الطبقات ٣: ٨٠ بسند صحيح، والبخاري: التأريخ الكبير ٢: ١٧٦.
(٢) عبد الرزاق: المصنف ١١: ٤٤٨ بإسناد صحيح، والذهبي: تأريخ الإسلام (٦١ - ٨٠ هـ) ص ٥٩.
(٣) الحاكم: المستدرك ٣: ٣٧١ - ٣٧٢ وقال الذهبي: سنده جيد.
(٤) ابن أبي شيبة: المصنف ١١: ١٤٢ بسند صحيح.

<<  <   >  >>