للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جمعوا مؤيديهم الذين بلغ عددهم سبعمائة رجل (١) وانطلقوا إلى البصرة مستهدفين القبض على القتلة من أهلها وإنفاذ القصاص فيها وقد بلغ عددهم عند وصولهم البصرة ثلاثة ألاف رجل، وذلك لالتحاق الناس بهم في الطريق إليها، وقد أنفق عبد الله بن عامر بن كريز ويعلى بن أمية أموالاً كثيرة في تجهيز هذا الجيش بمكة، حيث قدم يعلى بن أمية وحده أربعمائة بعير (٢). وكان معظم أهل البصرة يؤيدون إيقاع القصاص بالقتلة، فكانوا مهيئين نفسياً للانضمام إلى طلحة والزبير وعائشة عند قدومهم إليهم.

وكان الحزن يخيم على قلوب قادة المعارضة، فرغم أن مطالبتهم بإنفاذ الحكم الشرعي يقوي موقفهم ويشعل حماسهم، إلا أن غموض المستقبل وما قد ينطوي عليه من ضياع الوحدة بين المسلمين وسفك دمائهم يبعث فيهم إحساساً أليماً وأحيانا تردداً واضحاً .. لكنهم مضوا إلى أقدارهم بنفوس مثقلة بالهموم.

قال علقمة بن وقاص- شاهد عيان ثقة ثبت-: "ورأيته- يريد طلحة بن عبيد الله- وأحب المجالس إليه أخلاها، وهو ضارب بلحيته على زوره، فقلت له: يا أبا محمد، إني أراك وأحب المجالس إليك أخلاها، وأنت ضارب بلحيتك على زورك إن تكره هذا اليوم فدعه، فليس يكرهك عليه أحد. قال: يا علقمة بن وقاص لا تلمني، كنا يداً واحدة على من سوانا، فأصبحنا اليوم جبلين يزحف أحدنا إلى صاحبه (٣).


(١) حدد الزهري عدد الجيش قبل خروجه من مكة بسبعمائة رجل، وقبل دخوله البصرة بثلاثة آلاف رجل (عبد الرزاق: المصنف ٥: ٤٥٦، والطبري: تأريخ ٤: ٤٥٢ ص مرسل الزهري، والبلاذري: أنساب الأشراف ٢: ٣٨ ب من مرسل صالح بن كيسان) ويعتقد الخبران المرسلان.
(٢) عبد الرزاق: المصنف ٥: ٤٥٦ من مرسل الزهري.
(٣) الحاكم: المستدرك ٣: ٣٧١ - ٣٧٢ وقال الذهبي: سنده جيد. والطبري: تأريخ ٤: ٤٥٣، ٤٧٦.

<<  <   >  >>