للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو رجاء عمران بن ملحان العطاردي- شاهد عيان-: "لقد رأيت الجمل يومئذ كأنه قنفذ من النبل، ورجل آخذ بالخطام وهو يقول:

نحن بنو ضبة أصحاب الجمل ... ننازل الموت إذا الموت نزل

والموت أحلى عندنا من العسل ... نبغي ابن عفان بأطراف الأسل (١)

وكانت عائشة على جمل أحمر في هودج أحمر (٢)، وقد تكلمت في المربد لاعنةً قتلة عثمان، فلما سمع علي ذلك لعن قتلة عثمان (٣). وكان مؤيدوها "يهتفون بقتلة عثمان" فلما نقل ذلك لعلي قال: "اللهم أحلل بقتلة عثمان خزياً" (٤).

وارتفعت أصوات الدعاء في المعسكرين .. يقول الحارث بن سويد الكوفي- شاهد عيان ثقة ثبت-: "لقد رأيتُنا يوم الجمل، وإن رماحنا ورماحهم لمتشاجرة، ولو شاءت الرجال لمشت عليه، يقولون: الله أكبر، سبحان الله، الله أكبر. وترتفع أصوات تؤكد سلامة موقف المقاتلين دينياً "ليس فيها شك"- أي لا يشكون في شرعية قتالهم للطائفة الأخرى- و "ليتني لم أشهد"- موقف الندم للشعور بأنها فتنة والشك في شرعية القتال- و "ما سرني أني لم أشهد"- مؤكداً على وضوح الرؤية الشرعية في القتال إلى جانب علي-" (٥). ويتساقط القتلى من الجانبين "قتل


(١) خليفة: التأريخ ١٩٠ بإسناد حسن.
(٢) الطبري: تأريخ ٤: ٥٣٢ - ٥٣٣ بإسناد فيه مقبول فيحتاج إلى متابعة، لكن الرواية مما يتساهل فيه.
(٣) ابن أبي شيبة: المصنف ١٥: ٢٦٨ بإسناد صحيح.
(٤) المصدر السابق ١٥: ٢٧٧ بإسناد صحيح.
(٥) خليفة: التأريخ ١٩٨ بإسناد صحيح.

<<  <   >  >>