للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انجلت عن صرعى من خيرة المسلمين من الطرفين، دون إنجاز لصالح دنياهم أو دينهم ... بل إن الألم والندم تملكا القادة خلال القتال، قال الحسن بن علي يصور الحالة النفسية لعلي رضي الله عنه: "لقد رأيته حين اشتد القتال يلوذُ بي ويقول: ياحسن لودِدتُ أني متُّ قبل هذا بعشرين حجة- أو سنة-" (١)

ولما رأى علي محمد بن طلحة بن عبيد الله قتيلاً قال: "إنا لله وإنا إليه راجعون، أما والله لقد كان شاباً صالحاً" ثم قعد كئيباً حزيناً (٢).

وقد زاره عمران بن طلحة بن عبيد الله بعد سنين فرحب به علي قائلاً: "إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك من الذين قال الله (إخواناً على سررٍ متقابلين) " (٣). وأعاد إليه أراضيه قائلاً: "أما إنا لم نقبض أرضكم هذه السنين ونحن نريد أن نأخذها، إنما أخذناها مخافة أن ينتهبها الناس" (٤). وكثيراً ماردَّدَّ هذه الآية وأظهر محبته لطلحة والزبير رغم اختلافهما معه (٥).

وأما الابن الثالث لطلحة فقد بايع علياً بعد الجمل مباشرة ورجع إلى أهله وماله، واطمأن المعارضون فدخلوا إلى علي وبايعوه (٦). وهكذا كان علي باراً بأخيه


(١) ابن أبي شيبة: المصنف ١٥: ٢٨٨ بإسناد صحيح، وعبد الله بن أحمد: السنة ٢: ٥٦٦، ونعيم بن حماد: الفتن ١: ق ١٩ ب، والطبراني: المعجم الكبير ١: ٧٢ حديث رقم ٢٠٣.
(٢) الحاكم: المستدرك ٣: ١٠٣ - ١٠٤، ٣٧٥ بإسناد حسن لغيره، ونعيم بن حماد: الفتن ١: ١٨١ بإسناد صحيح.
(٣) الحجر ٤٧.
(٤) ابن سعد: الطبقات الكبرى ٣: ٢٢٤، والبلاذري: أنساب الأشراف ١٣: ق ٨٥ ب- ٨٦ أ، والطبري: تفسير ١٤: ٣٧، والحاكم: المستدرك ٣: ٣٧٦ وصححه ووافقه الذهبي.
(٥) أحمد: فضائل الصحابة ٢: ٦١٨ بإسناد صحيح.
(٦) ابن أبي شيبة: المصنف ١٥: ٢٧٦، وأبو العرب: المحن ٣٥٠.

<<  <   >  >>