للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تخرج فنبايعك وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن أمير المؤمنين وأنت أحق الناس بهذا الأمر؟ فأجابه ابن عمر: لو لم يبق إلا ثلاثة أعلاج بهجر لم يكن لي فيها حاجة". وهنا يعرض عليه عمرو بن العاص البيعة لمعاوية: "هل لك أن تبايع لمن قد كاد الناس أن يجتمعوا عليه، ويكتب لك من الأرضين والأموال ما لا تحتاج أنت ولا ولدك إلى ما بعده؟ فقال ابن عمر: ويحك إن ديني ليس بديناركم ولا درهمكم، وإني أرجو أن أخرج من الدنيا ويدي بيضاء نقيه" (١).

ورغم اعتزال ابن عمر الفتنة، إلا أنه كان يصرح بأن الحق مع علي فيقول: "ما أسى على شيء، كما أسى أني لم أقاتل مع علي رضي الله عنه" (٢).

أما الشخصية الأخرى التي عُجم عودها في أحداث التحكيم فهو الصحابي أبو موسى الأشعري، يقول شاهد عيان هو مسروق بن الأجدع (ت (٦٢) هـ): "كنتُ مع أبي موسى أيام الحكمين، وفسطاطي إلى جانب فسطاطه، فأصبح الناس ذات يوم قد لحقوا بمعاوية من الليل، فلما أصبح أبو موسى رفع رفرف فسطاطه فقال: يا مسروق بن الأجدع. قلت: لبيك أبا موسى. قال: إن الإمرة ما اؤتمر فيها، وإن الملك ما غُلب عليه بالسيف" (٣).

وقد حاول معاوية استمالة أبي موسى- في ظروف التحكيم أو عقبها- إلى جانبه دون جدوى، قال أبو موسى الأشعري: "كتب إليَّ معاوية: سلام عليك، أما


(١) ابن سعد: الطبقات الكبرى ٤: ١٦٤، وابن عساكر: تأريخ دمشق (ترجمة عبد الله بن عمر) ق ١٤٥ - ١٤٦، والذهبي: سير أعلام النبلاء٣: ٢٢٨، ويقوى بشواهده إلى الصحيح لغيره.
(٢) ابن عبد البر: الاستيعاب ١: ٧٧، والحاكم: المستدرك ٣: ١١٧ وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. والهيثمي: مجمع الزوائد ٧: ٢٤٢ وقال: رواه الطبراني بأسانيد وأحدها رجاله رجال الصحيح.
(٣) ابن سعد: الطبقات ٤: ١١٣ بإسناد صحيح.

<<  <   >  >>