للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الناس الخائضين في القدر بالباطل» (١).

وقال ابن القيِّم : «وتحقيق الأمر: أن الشرَّ نوعان: شرٌّ محضٌ حقيقيٌّ من كلِّ وجهٍ، وشرُّ نسبيٌّ إضافيٌّ من وجهٍ دون وجهٍ. فالأوَّل لا يدخل في الوجود؛ إذ لو دخل في الوجود لم يكن شرًّا محضًا. والثاني هو الذي يدخل في الوجود» (٢).

وقال : «فإن الربَّ سبحانه لا يفعل سوءًا قطُّ، كما لا يُوصَف به، ولا يُسمَّى باسمه، بل فعله كلُّه حسنٌ وخيرٌ وحكمةٌ، كما قال تعالى: ﴿بِيَدِكَ الْخَيْرُ﴾ [آل عمران: ٢٦]، وقال أعرف الخلق به: «والشرُّ ليس إليك» (٣) فهو لا يخلق شرًّا محضًا من كلِّ وجهٍ، بل كلُّ ما خلقه ففي خلقه مصلحةٌ وحكمةٌ، وإن كان في بعضه شرٌّ جزئيٌّ إضافيٌّ. وأما الشرُّ الكلِّيُّ المطلق من كلِّ وجهٍ؛ فهو تعالى منزَّهٌ عنه، وليس إليه» (٤).

وقال -في بيان قواعد الأسماء والصفات : «إن أسماءه كلُّها حسنى، ليس فيها اسمٌ غير ذلك أصلًا. وقد تقدَّم أن من أسمائه ما يُطلق عليه باعتبار الفعل -نحو الخالق، والرازق، والمحيي، والمميت-. وهذا يدلُّ على أن أفعاله كلُّها خيراتٌ محضةٌ لا شرَّ فيها؛ لأنه لو فعل الشرَّ لاشتُقَّ له منه اسمٌ، ولم تكن أسماؤه كلُّها حسنى، وهذا باطلٌ؛ فالشرُّ ليس إليه، فكما لا يدخل في صفاته ولا يلحق ذاته؛ لا يدخل في أفعاله، فالشرُّ ليس إليه، لا يُضاف إليه فعلًا ولا


(١) مجموع الفتاوى (١٤/ ٢٦٦)، وانظر: مجموع الفتاوى (١٧/ ٩٤).
(٢) شفاء العليل (٢/ ٥١٥).
(٣) تقدم تخريجه (١٢٢).
(٤) شفاء العليل (٢/ ٤٨٥)، وانظر: مدارج السالكين (٢/ ١٩٤).

<<  <   >  >>