للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبحانه: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ [البقرة: ٢٠٥]، وقال تعالى: ﴿وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ﴾ [الزمر: ٧]، وقال تعالى: ﴿وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ﴾ [النساء: ١٠٨]، بل يسخطها كما قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: ٢٨]. وقالت طائفةٌ: تُرضى من جهة كونها مضافةً إلى الله خلقًا، وتُسخَط من جهة كونها مضافةً إلى العبد فعلًا وكسبًا. وهذا القول لا ينافي الذي قبله، بل هما يعودان إلى أصلٍ واحدٍ، وهو سبحانه إنما قدَّر الأشياء لحكمةٍ، فهي باعتبار تلك الحكمة محبوبةٌ مرضيَّةٌ، وقد تكون في نفسها مكروهةً ومسخوطةً؛ إذ الشيء الواحد يجتمع فيه وصفان يُحَبُّ من أحدهما ويُكرَه من الآخر، كما في الحديث الصحيح: (ما تردَّدت عن شيءٍ أنا فاعله تردُّدي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته، ولا بدَّ له منه) (١)» (٢).

وقال : «فالعبد يوافق ربَّه، فيكره الذنوب ويمقتها ويبغضها؛ لأن الله يبغضها ويمقتها، ويرضى بالحكمة التي خلقها الله لأجلها، فهي من جهة فعل العبد لها مكروهةٌ مسخوطةٌ، ومن جهة خلق الربِّ لها محبوبةٌ مرضيَّةٌ؛ لأن الله خلقها لما له في ذلك من الحكمة، والعبد فعلها وهي ضارَّةٌ له موجِبةٌ له العذاب، فنحن ننكرها ونكرهها وننهى عنها كما أمرنا الله بذلك؛ إذ كان هو أيضًا سبحانه يسخطها ويبغضها، ونعلم أن الله أحدثها لما له في ذلك من الحكمة، فنرضى بقضائه وقدره. فمتى لحظنا أن الله قضاها وقدَّرها رضينا عن الله وسلَّمنا لحكمه. وأما من جهة كون العبد يفعلها؛ فلا بدَّ أن نكره ذلك وننهى


(١) حديث قدسي أخرجه البخاري (٦٥٠٢).
(٢) مجموع الفتاوى (١٠/ ٤٢).

<<  <   >  >>