للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبيدة بن الجرَّاح: «أفرارًا من قدر الله؟»، فقال عمر: «لو غيرك قالها يا أبا عبيدة؟ نعم، نفرُّ من قدر الله إلى قدر الله» (١).

فتبيَّن بطلان قول هؤلاء، خاصَّةً قولهم بالتسليم لما يُقدَّر على العبد من الذنوب؛ فإن العبد ما شُرِع له التسليم لذلك، بل شُرِع له التوبة والاستغفار والندم على الذنب والفرار من الذنب إلى التوبة والإنابة إلى الله، كما قال تعالى: ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ [الذاريات: ٥٠]، وقال تعالى: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾ [الزمر: ٥٣ - ٥٤]. والأدلَّة في التوجيه لهذا كثيرةٌ من نصوص الكتاب والسنَّة. وكذلك في الإخبار عن الأنبياء والرسل والصالحين الذين بادروا بالتوبة والاستغفار ولم يقولوا بالتسليم للقدر والرضى بذلك على طريقة هؤلاء المتصوِّفة.


(١) أخرجه البخاري (٥٧٢٩).

<<  <   >  >>