للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فحجَّ آدم موسى، فحجَّ آدم موسى» (١).

فهذه المحاجَّة بين آدم وموسى كانت على المصيبة التي لحقت الذرِّيَّة بإخراج آدم من الجنَّة، ولم تكن على ذنب آدم وخطيئته.

ويشهد لهذا عدَّة أمورٍ:

أ- أن موسى كان يحاجُّ في المصيبة التي لحقت الذرِّيَّة بإخراج آدم من الجنَّة، ولذا قال: «خيَّبتنا وأخرجتنا من الجنَّة»، ولو أراد الذنب لقال: (لِمَ أذنبت وعصيت؟).

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: «الصواب في قصَّة آدم وموسى: أن موسى لم يَلُمْ آدم إلا من جهة المصيبة التي أصابته وذرِّيَّتَه بما فعل، لا لأجل أنَّ تارك الأمر مذنبٌ عاصٍ، ولهذا قال: لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنَّة؟ لم يقل: لِمَ خالفت الأمر؟ ولماذا عصيت؟» (٢).

ب- أن موسى كان أعلم من أن يلوم أباه على ذنبٍ قد تاب منه، وموسى قد أذنب وتاب من ذنبه.

قال ابن أبي العزِّ الحنفيُّ: «وموسى كان أعلم بأبيه وبذنبه من أن يلوم آدم على ذنبٍ قد تاب منه وتاب الله عليه واجتباه وهداه، وإنما وقع اللوم على المصيبة التي أخرجت أولاده من الجنَّة» (٣).

ج- أن آدم أعلم من أن يحتجَّ بالقدر على الذنب، وقد اعترف بذنبه واستغفر منه في مقام العتاب عليه من ربِّه، فكيف يحتجُّ به بعد ذلك في خطابه


(١) أخرجه البخاري (٦٦١٤)، ومسلم (٢٦٥٢).
(٢) مجموع الفتاوى (٨/ ٣١٩).
(٣) شرح الطحاوية (ص ١٣٥، ١٣٦)، وانظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٣٢١).

<<  <   >  >>