للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام ابن تيمية «ولا يحتجُّ أحدٌ بالقدر إلا إذا كان متَّبعًا لهواه بغير هدىً من الله، ومَن رأى القدر حجَّةً لأهل الذنوب يرفع عنهم الذمَّ والعقاب؛ فعليه أن لا يذمَّ أحدًا ولا يعاقبه إذا اعتدى عليه، بل يستوي عنده ما يوجِب اللذة وما يوجِب الألم، فلا يفرِّق بين مَنْ يفعل معه خيرًا وبين مَنْ يفعل معه شرًّا، وهذا ممتنعٌ طبعًا وعقلًا وشرعًا» (١).

خامسًا: أن الاحتجاج بالقدر إنما يكون على المصائب لا على المعايب، كما دلَّت على ذلك النصوص الصحيحة، و قرَّره الأئمَّة المحقِّقون.

ففي صحيح مسلمٍ من حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله : «المؤمن القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خيرٌ، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، وإن أصابك شيءٌ؛ فلا تقل: «لو أني فعلت كان كذا وكذا»، ولكن قل: «قدر الله وما شاء فعل»، فإن «لو» تفتح عمل الشيطان» (٢). فأرشد النبيُّ إلى بذل السبب والحرص على الخير والنفع، فإذا أُصيب الإنسان بمصيبةٍ آمن بالقدر وسلَّم لأمر الله، وقال: (قدر الله وما شاء فعل).

وعلى هذا تُحمَل محاجَّة آدم وموسى، كما جاء في حديث أبي هريرة، عن النبيِّ ، قال: «احتجَّ آدم وموسى، فقال له موسى: يا آدم، أنت أبونا، خيَّبتنا وأخرجتنا من الجنَّة، قال له آدم: يا موسى، اصطفاك الله بكلامه، وخطَّ لك بيده، أتلومني على أمرٍ قدَّره الله عليَّ قبل أن يخلقني بأربعين سنةً؟


(١) الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (ص: ١٣٣).
(٢) أخرجه مسلم (٢٦٦٤).

<<  <   >  >>