للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الخامس

بيان النهي عن الخوض في القدر،

وحقيقة الخوض وحدّه

مما يدخل في جملة الإيمان بالقدر: الحذرُ من الخوض في القدر، وتركُ التعمُّق والبحث عما حجب الله عن الخلق علمه في هذا الباب؛ كالتنقيب عن سرِّ الله في القدر، ومعرفة حكمة الله في هداية مَنْ هدى وإضلال مَنْ أضلَّ، والوقوفُ عند حدود النصوص الشرعيَّة الواردة في بيان القدر، والتفقُّهُ فيها بمعرفة المشروع فيُمتثَل، والممنوع فيُجتنَب.

وقد دلَّت على ذلك الأدلَّة.

فعن عبد الله بن مسعودٍ ، عن النبيِّ ، قال: «إذا ذُكِر أصحابي فأمسكوا، وإذا ذُكِرت النجوم فأمسكوا، وإذا ذُكِر القدر فأمسكوا» (١).

وعن عمرو بن شُعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه، قال: خرج رسول الله على أصحابه، وهم يختصمون في القدر، فكأنما يُفقَأ في وجهه حبُّ الرمَّان من الغضب، فقال: «بهذا أُمِرتم؟ -أو لهذا خلقتم؟ - تضربون القرآن بعضه ببعضٍ، بهذا هلكت الأمم قبلكم» (٢). وقد حذَّر الأئمَّة كذلك من الخوض في القدر، ونقلوا إجماع السلف على ذلك.


(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٢/ ٩٦) ح (١٤٢٧)، والبيهقي في القضاء والقدر (ص: ٢٩١) (٤٤٤). وحسَّن إسناده المباركفوري في تحفة الأحوذي (٦/ ٢٨١)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (١/ ١٥٥).
(٢) أخرجه ابن ماجه (٨٥). وقال الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (١/ ١٥٧): «حسن صحيح». صحيح سنن ابن ماجه (١/ ١٥٧).

<<  <   >  >>