وأخذ الله الميثاق على أهل العلم بالبيان وعدم كتمان العلم، كما قال سبحانه: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ﴾ [آل عمران: ١٨٧].
فخاطب الله العامَّة ومَن لا يعلم بسؤال أهل العلم، وأخذ الله الميثاق على أهل العلم بالبيان وعدم الكتمان. وقد جعل الله الأخذ عن أهل العلم عامًّا في كلِّ بابٍ من أبواب العلم، ولم يخصَّ من ذلك شيئًا دون شيءٍ، فتضمَّن أخذ العلم عنهم في باب القدر وغيره.
قال السعديُّ في تفسير آية النحل:«فإن الله أمر مَنْ لا يعلم بالرجوع إليهم في جميع الحوادث، وفي ضمنه تعديلٌ لأهل العلم وتزكيةٌ لهم؛ حيث أمر بسؤالهم، وأن بذلك يخرج الجاهل من التبعة»(١).
وأما إن كان المتكلِّم في القدر يخوض فيه بغير علمٍ ولا هدىً من الله، وهو جاهلٌ يستند فيما يقرِّر إلى شبهاتٍ عقليَّةٍ أو أهواءٍ نفسيَّةٍ أو أقيسةٍ منطقيةٍ أو أوهامٍ كلاميَّةٍ أو مناماتٍ صوفيَّةٍ أو غيرها من مسالك أهل الزيغ والضلال؛ فهذا غاية الضلال وعين الانحراف وبريد الإلحاد.
وقد دلَّت الأدلَّة على تحريم الكلام بغير علمٍ، وذمِّ أهله، وبيان زيغهم، وتحريم سماع شبههم، ودفعها عن النفس بكلِّ ما يمكن من الوسائل.