وإذا كان هذا الوعيد جاء عامًّا شاملًا لكلِّ متكلِّمٍ في مسائل الشرع بغير حجَّةٍ ولا برهانٍ، فكيف بالكلام والخوض في باب القدر الذي تقدَّم وصفه في كلام الأئمَّة أنه (سرُّ الله تعالى في خلقه، لم يطَّلع على ذلك ملكٌ مقرَّبٌ، ولا نبيٌّ مرسلٌ، وأنه لا يُدرَك بجدال، ولا يشفي منه مقالٌ، والحِجاج فيه مرتجةٌ مغلقةٌ)، ووصفوا التعمُّق فيه بأنه (ذريعة الخذلان، وسلَّم الحرمان، ودرجة الطغيان). فهو أولى أن يُنهى عن الخوض فيه؛ إذ الخطأ فيه ليس كالخطأ في غيره. ولذا جاء التشديد في التحذير من الخوض فيه مالم يأت في بابٍ آخر من أبواب العلم، كما تقدَّم في الأدلَّة وكلام سلف الأمَّة.