للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمما جاء في النهي عن الكلام بغير علمٍ:

قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ [الإسراء: ٣٦]، وقوله تعالى: ﴿هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: ٦٦].

ومما جاء في ذمِّ الخائضين في مسائل الدين بغير علمٍ:

قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ﴾ [الحج: ٣]، وقوله تعالى: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام: ١٤٤]، وقوله تعالى: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [النحل: ٢٥].

ومما جاء في النهي عن سماع كلامهم والأمر بالإعراض عنه:

قوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنعام: ٦٨].

وإذا كان هذا الوعيد جاء عامًّا شاملًا لكلِّ متكلِّمٍ في مسائل الشرع بغير حجَّةٍ ولا برهانٍ، فكيف بالكلام والخوض في باب القدر الذي تقدَّم وصفه في كلام الأئمَّة أنه (سرُّ الله تعالى في خلقه، لم يطَّلع على ذلك ملكٌ مقرَّبٌ، ولا نبيٌّ مرسلٌ، وأنه لا يُدرَك بجدال، ولا يشفي منه مقالٌ، والحِجاج فيه مرتجةٌ مغلقةٌ)، ووصفوا التعمُّق فيه بأنه (ذريعة الخذلان، وسلَّم الحرمان، ودرجة الطغيان). فهو أولى أن يُنهى عن الخوض فيه؛ إذ الخطأ فيه ليس كالخطأ في غيره. ولذا جاء التشديد في التحذير من الخوض فيه مالم يأت في بابٍ آخر من أبواب العلم، كما تقدَّم في الأدلَّة وكلام سلف الأمَّة.

<<  <   >  >>