للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخبر عن نفسه أنه يأمر بما فيه خيرٌ ومصلحةٌ من أنواع الطاعات، وينهى عما يضادُّ ذلك من الشرِّ والمفسدة من صور المحرَّمات والفواحش، فقال سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ﴾ [النحل: ٩٠].

كما نفى عن نفسه سبحانه أن يأمر بالفحشاء، وكذَّب المشركين فيما نسبوه له من ذلك، فقال: ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٢٨].

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة بعد حكاية قول الأشاعرة في هذه المسألة-: «فهذا القول ولوازمه هو أيضًا قولٌ ضعيفٌ مخالفٌ للكتاب والسنَّة ولإجماع السلف والفقهاء، مع مخالفته أيضًا للمعقول الصريح؛ فإن الله نزَّه نفسه عن الفحشاء، فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ﴾ [الأعراف: ٢٨] … والله تعالى عليمٌ حكيمٌ، علم بما تتضمَّنه الأحكام من المصالح فأمر ونهى لعلمه بما في الأمر والنهي والمأمور والمحظور من مصالح العباد ومفاسدهم» (١).

وقد توسَّع الإمام ابن القيِّم في الردِّ عليهم في كتاب «مفتاح دار السعادة»، فبيَّن بطلان قولهم من ثلاثةٍ وستِّين وجهًا (٢).

وقد أشار إلى ذلك في كتاب «إغاثة اللهفان»، بقوله -في سياق حديثه عن استحسان صفات الكمال ونفعها، واستقباح أضدادها-: «ومَن قال: إن ذلك لا يُعلَم بالعقل ولا بالفطرة، وإنما عُرِف بمجرَّد السمع؛ فقوله باطلٌ، قد بيَّنا بطلانه في كتاب «المفتاح» من ستِّين وجهًا، وبيَّنا هناك دلالة القرآن والسنَّة والعقول والفطر على فساد هذا القول» (٣).


(١) مجموع الفتاوى (٨/ ٤٣٤ - ٤٣٣).
(٢) انظر: مفتاح دار السعادة (٢/ ١١٣ - ٦٢).
(٣) إغاثة اللهفان (٢/ ١٣٨).

<<  <   >  >>