للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-سبحانه- غذاءً له لأنه قوام لجسمه … » (١).

فتبين أن قول مكحول محتمل لمعنى صحيح مقرر عند أهل السنة، ومقتضى حسن الظن بهذا الإمام الجليل أن يحمل كلامه على مَحمل حسن.

قال سعيد بن المسيب: «كتب إلي بعض إخواني من أصحاب رسول الله : أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلبك، ولا تظنن بكلمة خرجت من امرئ مسلم شرًّا وأنت تجد له في الخير محملًا» (٢).

السادس: أن الإمام الأوزاعي حقق هذا المسألة وحكى الشبهة في نسبة بعض أئمة التابعين للقدر، وأنه كشف عن ذلك مع قرب العهد والتجرد للحق، ثم صرح بما انتهى إليه من ذلك في قوله: «لم يبلغنا أن أحدًا من التابعين تكلم في القدر إلا هذين الرجلين: الحسن ومكحولًا، فكشفنا عن ذلك، فإذا هو باطل» (٣)، فكفى بذلك الباحثين المؤونةَ في تحقيق هذا المسألة وخلص إلى هذه النتيجة التي لا ينبغي العدول عنها، وهي براءة أئمة التابعين من بدعة القدر وهذا هو الذي يليق بمقامهم فإنهم على ميراث الصحابة الكرام علرضي الله عنهم جميعا وجزاهم عن الأمة خيرًا.

وبهذا يتبين براءة الإمام مكحول من القدر، وأن نسبته إليه إما مرجعها للكذب عليه من خصومه، أو لما اشتبه من كلامه، وأنه بريءٌ من القول بالقدر لما تقدم عرضه من الأدلة، فلله الحمد والمنة.


(١) مقالات الإسلاميين (١/ ٢٠٥).
(٢) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (١٠/ ٥٦٠).
(٣) تقدم تخريجه ص (٢٣٤).

<<  <   >  >>