للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحرام في مسمى هذا الرزق، كما في قوله تعالى: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [البقرة: ٣] وقوله تعالى: ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ﴾ [المنافقون: ١٠] وقوله: ﴿وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا﴾ [النحل: ٧٥] وأمثال ذلك. وقد يراد بالرزق ما ينتفع به الحيوان وإن لم يكن هناك إباحة ولا تمليك فيدخل فيه الحرام كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ [هود: ٦]» (١).

وبهذا يتبين أن قول مكحول: «إن الله لا يرزق إلا طيبًا» (٢) له وجه صحيح على المعنى الأول الذي ذكره شيخ الإسلام، قال شيخ الإسلام: «فلا يدخل الحرام في مسمى هذا الرزق» ولا يلزم لمن قال: إن الله لا يرزق إلا طيبًا، يريد به هذا المعنى أن يكون موافقًا للقدرية والمعتزلة الذين يقولون: إن الله لا يقدر الحرام ولا يرزقه، بناء على قولهم في أن الذنوب هي صادرة من قبل العبد ولا تدخل في تقدير الرب ولا خلقه.

قال الأشعري: «قالت المعتزلة: إن الأجسام الله خالقها، وكذلك الأرزاق وهي أرزاق الله -سبحانه- فمن غصب إنسانًا مالًا أو طعامًا فأكله أكل ما رزق الله غيره ولم يرزقه إياه.

وزعموا بأجمعهم أن الله -سبحانه- لا يرزق الحرام كما لا يملِّك الله الحرام، وأن الله -سبحانه- إنما رزق الذي ملَّكه إياهم دون الذي غصبه.

وقال أهل الإثبات: الأرزاق على ضربين: منها ما ملَّكه الله الإنسان ومنها ما جعله غذاءً له وقوامًا لجسمه وإن كان حرامًا عليه فهو رزقه إذ جعله الله


(١) مجموع الفتاوى (٨/ ١٣٢) مجموعة الرسائل والمسائل (٥/ ١٥٢).
(٢) تقدم عزوه ص (٢٤٠).

<<  <   >  >>