للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن كثير: «وكان له وجاهة عند الناس، مهما أمر به من شيء يفعل» (١).

وقد تعرض لحسد شأنه شأن كل ذي نعمة وفضل، فعاداه أناس وتكلموا فيه وكانوا يغرون به رجاء بن حيوة وهو إمام أهل الشام ويطعنون فيه عنده.

روى الذهبي عن عاصم بن رجاء بن حيوة قال: «جاء مكحول إلى أبي، فقال: يا أبا المقدام، إنهم يريدون دمي، قال: قد حذرتك القرشيين ومجالستهم، ولكنهم أدنوك وقربوك، فحدثتهم بأحاديث، فلما أفشوها عنك كرهتها، فراح، فجاء الذين يعيبونه، فذكروه فقال أبي: دعوه، فقد كنتم حديثًا وأنتم تحسنون ذكره .. » (٢).

وكان مكحول يقول: «ما زلت مضطلعًا على من ناوأني حتى عاونهم عليَّ رجاء بن حيوة، وذلك أنه كان سيد أهل الشام في أنفسهم» (٣).

فرجل هذا شأنه لا يبعد أن يكذب عليه ويطعن فيه بما ليس فيه يؤكد هذا الأثر السابق عن إبراهيم بن مروان، قال: قال أبي: «قلت لسعيد بن عبد العزيز: يا أبا محمد، إن الناس يتهمون مكحولا بالقدر، فقال: كذبوا، لم يكن مكحول بقدري» (٤).

الخامس: أن قول مكحول في (الرزق) ليس صريحا في تقرير قول القدرية؛ فلفظ الرزق فيه إجمال كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، قال : «لفظ (الرزق) فيه إجمال؛ فقد يراد بلفظ الرزق ما أباحه أو ملكه فلا يدخل


(١) البداية والنهاية (١٣/ ٦٧).
(٢) سير أعلام النبلاء (٥/ ١٦٣).
(٣) سير أعلام النبلاء (٤/ ٥٥٨).
(٤) أخرجه ابن بطة (٤/ ٢١٨)، وابن عساكر (٦٠/ ٢٢٨).

<<  <   >  >>