للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخلق، فما أثبته للخلق كالحياة والعلم نفاه عن الله، وما أثبته لله من القدرة والفعل نفاه عن العبد، وبهذا كان الجهم رأسًا في مقالتي: تعطيل الله عن صفاته، والقول بجبر العبد على فعله.

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة -في سياق نقله اتِّفاق السلف على إثبات الصفات لله تعالى، وعلى أن العبد فاعلٌ حقيقةً-: «وأوَّل من ظهر عنه إنكار ذلك هو الجهم بن صفوان وأتباعه، فحُكِي عنهم أنهم قالوا: إن العبد مجبورٌ، وأنه

لا فعل له أصلًا، وليس بقادرٍ أصلًا، وكان الجهم غاليًا في تعطيل الصفات، فكان ينفي أن يسمَّى الله تعالى باسمٍ يُسمَّى به العبد، فلا يُسمَّى شيئًا ولا حيًّا ولا عالمًا ولا سميعًا ولا بصيرًا» (١).

ويذكر المحقِّقون من أهل العلم أن الجهم أخذ هذه المقالات من الجعد ابن درهمٍ، وأن منتهاها يرجع إلى لبيد بن الأعصم اليهوديِّ.

قال الإمام البخاريُّ: «قال قتيبة: بلغني أن جهمًا كان يأخذ الكلام من الجعد ابن درهم» (٢).

وقال الإمام أحمد: «وأخذه جهمٌ من الجعد بن درهم، وأخذه الجعد من أبان بن سمعان، وأخذه أبان من طالوت ابن أخت لبيد بن الأعصم، وأخذه طالوت من لبيد بن الأعصم اليهوديِّ الذي سحر النبيَّ » (٣).

وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: «فإن أوَّل من حُفِظ عنه أنه قال هذه المقالة في الإسلام: الجعد بن درهمٍ، وأخذها عنه الجهم بن صفوان، وأظهرها، فنُسِبت


(١) مجموع الفتاوى (٨/ ٤٦٠).
(٢) خلق أفعال العباد (ص: ٢٩).
(٣) العلل ومعرفة الرجال (١/ ٦٨).

<<  <   >  >>