للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقالة الجهميَّة إليه.

وقيل: إن الجعد أخذ مقالته عن أبان بن سمعان، وأخذها أبان عن طالوت ابن أخت لبيد بن الأعصم، وأخذها طالوت عن لبيد بن الأعصم اليهوديِّ الذي سحر النبيَّ » (١).

فتبيَّن بهذا أن منشأ هذه البدعة في الإسلام يرجع إلى لبيد بن الأعصم اليهوديِّ الساحر الذي سحر النبيَّ ، وكان لبيدٌ يقول بخلق التوراة.

ثم أخذها عنه ابن أخته طالوت، وهو أوَّل من صنَّف في ذلك، وكان زنديقًا، فأفشى الزندقة (٢).

ثم أخذها عنه أبان بن سمعان، وهو الذي أثَّر في الجعد بن درهمٍ.

فتلقَّف الجعد هذه المقالة منه، وهو أوَّل من أحدث مقالة التعطيل في الأمَّة، فزعم بأن الله ما اتَّخذ إبراهيم خليلًا، ولا كلَّم موسى، وأن ذلك لا يجوز على الله. وللجعد أخبارٌ كثيرةٌ في الزندقة (٣). وأصل الجعد من خراسان، ويُقال: إنه من موالي بني مروان (٤)، ثم أقام بدمشق، وذلك في أيَّام هشام بن عبد الملك، فطلبه هشامٌ، ثم هرب فسكن الكوفة، فلقيه بها الجهم بن صفوان، فتقلَّد هذا القول عنه، فكتب هشامٌ إلى نائبه خالد بن عبد الله القسريِّ أن يقتله، ثم قتله خالد بن عبد الله القسريُّ يوم عيد الأضحى بالكوفة، وذلك أن خالدًا خطب الناس، فقال في خطبته تلك: «أيُّها الناس، ضحُّوا تقبَّل الله


(١) مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (١/ ٥٨).
(٢) الكامل في التاريخ (٦/ ١٤٩).
(٣) انظر: لسان الميزان (٢/ ٤٣٧).
(٤) البداية والنهاية (٩/ ٣٥٠).

<<  <   >  >>